عرفت الفنون منذ زمن بعيد. عرفها الأقدمون تلقائيا لأنهم تواقون للجمال بحكم الغريزة التي استغلوها في كل ما يحيط بهم و ما يعيشون فيه إرضاء لميولهم و إشباعا لرغباتهم. وقد تصدر الحفر سائر الفنون, و كأن الإنسان المصري القديم أول من أمسك بالة حفر وأجرها بوعي على الأخشاب والأحجار, فخلق منها فنا رائعا هادفا يحكي أول حضارة ظهرت في الوجود فقد سجل الفراعنة على أثارهم وتوابيت موتاهم وجدران معابدهم الحفر المسطح والحفر تحت الأرضية والحفر البارز. وليس أدل على ذلك من القيمة التاريخية لحجر رشيد المكتوبة بعدة كتابات من ضمنها الكتابة المصرية القديمة التي كانت كتابتها المحفورة على الحجر بمثابة المفتاح السحري الذي فك طلاسم الحروف الهيروغليفية وأدي إلى الكشف عن كنوز أقدم و أعظم حضارة في التاريخ. وبتعاقب الزمن، أتجه أجدادنا العرب إلى تجميل مشغولاتهم الخشبية بالحفر الهندسي والزخرفي ومختلف أنواع الكتابة التي يتجلى جمال دقة حفرها في مساجدهم ومساكنهم وسائر مبانيهم فكانت هي الروعة بعينها. كما حذت الشعوب الأخرى حذو بلادنا بالاتجاه إلى الحفر بأنواعه وطرزه فادخلوها في حجرت النوم والصالون والطعام وغيرها. ثم تطور فن الحفر حتى عم انتشاره مختلف الأمم .. وأصبح لكل بلد طرازه وسماته التي تنطق بصدق التعبير ودقة التشكيل.
و ينحصر المحور الأساسي الذي تدور عليه عجلة التصنيع في الفكر الواعي و اليد المدربة لتطويع الأخشاب وفق كل المتطلبات في هدى التقدم التكنولوجي، فبالتكنولوجيا نفكر وبالتكنولوجيا نخطط وننفذ وفق أحدث ما وصل إليه العلم.
و يعتبر الحفر على الأخشاب هو المتمم لصناعة الأثاث والمعبر عن طرازها وأساس قيمتها الفنية وعنوان أسلوبها، وهي الصناعة الحيوية اللازمة لمستلزمات الحياة الاجتماعية.