بدلاً من أن تكون التجارة عاملاً لخدمة التنمية، والقضاء على الفقر؛ فقد تحولت إلى وسيلة غير عادلة للتنمية الاقتصادية في البلدان النامية، وآلية لفرض سياسات اقتصادية بعيدة كل البعد عن العدالة من قبل الدول المتقدمة باتجاه الدول النامية، حيث أن التبادل التجاري بين الدول المتقدمة والدول الأقل تقدما يحدث على أسس غير متساوية، مما يستوجب أن يكون أكثر عدلا وإنصافا وذلك بحماية الدول الأضعف.
بدأ ظهور فكرة (التجارة العادلة) في أوائل عقد التسعينيات من القرن العشرين، عندما تبنت بعض المنظمات والمؤسسات الأوروبية والأمريكية فكرة تحقيق سعر عادل لمنتجات صغار المزارعين ومصدري المواد الزراعية وأصحاب الحرف التقليدية، وخاصة في دول العالم النامي.
وبرز هذا المفهوم (التجارة العادلة) بشكل أوضح على يد مؤسسة "أوكسفام" العالمية التي تأسست عام 1942 وهي عبارة عن اتحاد من المنظمات غير الحكومية المستقلة التي تكرّس نشاطاتها لمكافحة الفقر.
وتقوم فكرة التجارة العادلة بالأساس على كيفية توفير فرص وسبل جيدة للمنتجين في الدول النامية لبيع سلعهم ومنتجاتهم بأسعار عادلة "قريبة" من الأسعار العالمية، وتقليل حالات الاستغلال التي يتعرض لها هؤلاء المنتجون، خاصة من بلدان الشمال المتقدم.
وإلى جانب "أوكسفام"، يتبنى أربعة اتحادات كبرى في أوروبا فكرة نشر التجارة العادلة، وهذه الاتحادات هي: (الاتحاد الدولي للتجارة العادلة)، ومقره هولندا، و(المنظمات الدولية للعلامات التجارية والتجارة العادلة)، و(شبكة المؤسسات التجارية العالمية الأوروبية) والذي يمثل حوالي 2500 من مؤسسات التجارة العادلة، و(الاتحاد الأوروبي للتجارة العادلة) والذي يملك مكتبا خاصا في بروكسل للدفاع عن قضايا التجارة العادلة.
مبادئ التجارة العادلة:
1. شراء المنتجات بصفة مباشرة من صغار الفلاحين الأكثر احتياجاً بدون وسيط بينهم وبين المستهلك.
2. تحديد سعر الشراء بشكل عادل من خلال النظر إلى الاحتياجات الحقيقية للمنتجين الصغار و عائلاتهم، وكذلك مع الأخذ في الاعتبار أسعار تلك المنتجات في الأسواق.
3. تتأسس العلاقات مع الفلاحين على قواعد عقود شراكة طويلة الأجل، بالمقابل يلتزم هؤلاء الفلاحون بجودة الإنتاج، وعليهم أن يتطوروا بسرعة نحو الإنتاج البيولوجي الخالي من المبيدات الكيماوية.
4. تمنح منظمات التجارة العادلة الفلاحين الصغار منحة سنوية تمكنهم من تمويل المشاريع التي تسعى إلى التطور المحلي الدائم.
حملة أوكسفام:
تبنت منظمة أوكسفام الدولية مفهوم "التجارة العادلة"، وبدأت حملة تهدف إلى تغيير قواعد التجارة العالمية، وإتاحة الفرصة لمنتجات الدول الفقيرة لدخول أسواق الدول الغنية، وإنهاء قواعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي؛ بمعنى آخر فقد حاولت المنظمة توجيه التجارة والعولمة إلى العمل لخدمة الشعوب الفقيرة وليس ضدها، وقد سعت تلك الحملة إلى شراء سلع الفقراء وبيعها في دول الشمال الغنية لحصد سعر عادل للفقراء، وتم ختم هذه السلع بشعار "صُنع بكرامة".
وتتلخص أهداف هذه الحملة في:
- حظر دعم الدول الغنية لصادراتها الزراعية بهدف خفض الإنتاج الزائد.
- العمل على تحقيق استقرار أسعار السلع الأولية على مستويات أعلى، ودفع ثمن أكبر لصغار المزارعين.
- إتباع قواعد أكثر عدالة فيما يتعلق ببراءات الاختراع لضمان حصول الدول الفقيرة على التكنولوجيا الحديثة والأدوية الأساسية والبذور.
- تحسين معايير العمل والصحة والتعليم خاصة بالنسبة للنساء.
- رفع الوعي بين المستهلكين بالظروف التي يتم إنتاج مواد ومنتجات التجارة العادلة في ظلها.
- وضع سياسات إقليمية ومحلية في الدول النامية تساعد الشعوب الفقيرة على حرية دخول الأسواق والاستفادة من التجارة.
آليات التنفيذ:
اعتمدت أوكسفام في سبيل تحقيق حملتها للتجارة العادلة على آليتين هما:
أولاً:آلية فتح الأسواق وهي فتح أسواق الشمال أمام منتجات الجنوب.
ثانياً:آلية الزراعة الموجهة للتصدير، وهي تقوم على تشجيع الزراعات النقدية التي يمكن من خلالها زيادة دخول الدول النامية، ومساعدتها على التفرقة بين المحاصيل الزراعية والأخرى النقدية.
مزايا التجارة العادلة:
- لفت الأنظار إلى مقدار ما يعانيه منتجو الدول الفقيرة من ظلم وعدم مساواة في جني أرباح منتجاتهم كما ينبغي.
- توفير سبل بيع ملائمة لمنتجي ومصدّري الدول النامية في الدول المتقدمة، مما يؤدي إلى توفير وضع أفضل للمزارعين في السوق الداخلي والخارجي.
- مراعاة البعد البيئي في هذه المنتجات؛ بحيث تكون المنتجات الزراعية المباعة غير ضارة بالبيئة أو بصحة الإنسان، وإنتاج أصناف ذات نوعية جيدة.
- توفير سبل عمل مشروعة للعديد من العاطلين عن العمل، سواء في البلدان النامية أو المتقدمة، واحترام حقوق هؤلاء العمال.
وقد قُدرت مبيعات التجارة العادلة في عام 2002 بمبلغ أعلى بقليل من 400 مليون دولار، وكان نصيب المنتجات الحرفية 25 % من إجمالي المبلغ المذكور وفقاً للمنظمة الدولية للعلامات اللاصقة للتجارة العادلة ومقرها بون- ألمانيا.
أما مبيعات التجارة العادلة فقد حققت على الصعيد العالمي نمواً بنسبة 43%، وتعتبر مصر من الدول النامية الرائدة في تبني مفهوم التجارة العادلة، حيث تأسست بها منظمة التجارة العادلة بمصر "Fair Trade Egypt" عام 1998، والتي تمثل منظمة لا تهدف للربح، ولكنها تسعى في الأساس إلى مساعدة صغار الحرفيين والمزارعين المصريين، بتسويق منتجاتهم من خلال ممارسة أفضل أساليب التجارة العادلة. والجدير بالذكر أنه يتم الاحتفال باليوم العالمي للتجارة العادلة في شهر مايو من كل عام.
المصادر:
- موقع إسلام أونلاين.
- وكالة أنباء انتر برس سيرفيس.
- موقع أكلة أمينة: الصناعات الفلاحية العادلة.
- موقع <!--<!-- <!--www.fairtraderesource.org