وحينما اكتشفت النار وتعلم الإنسان أن يجعل أوعيته أكثر صلابة وقدرة على البقاء، وحينما اخترعت العجلة، واستطاع صانع الفخار أن يضيف الإيقاع والحركة المتصاعدة إلى تصوراته عن الشكل؛ حينئذ تواجدت - أو توافرت - كل الأسس اللازمة لهذا الفن الأكثر تجريدًا.
لقد نشأ وتطور من أصوله الوضعية- حتى أصبح في القرن الخامس قبل الميلاد - الفن الممثل لأكثر الأجناس التي عرفها العالم من قبل ثقافة وحساسية؛ فالزهرية اليونانية نموذج للتناغم الكلاسيكي، وحينئذ قامت حضارة ناحية الشرق، فجعلت من صناعة الفخار فنها الأثير والأكثر تعبيرًا عنها، بل استطاعوا أن يدفعوا بهذا الفن إلى صور أندر نقاء مما استطاع الإغريق أن يحققوه، فالزهرية اليونانية تمثل تناغمًا ثابتًا، أما الزهرية الصينية - حينما تتحرر من التأثيرات المفروضة للثقافات الأخرى والأساليب الفنية المخالفة، فقد حققت تناغمًا متحركًا إنها ليست شيئًا خزفيًّا، وإنما هي زهرة حقيقية.